المحلية

جبال منجد الخضراء – ماسة الجنوب

حقيقة أنني وجدت الراحة النفسية الغامرة والسعادة الفكرية الطاغية حينما أستللت قلمي في غبطة وسرور لأنقش بحبره السائل سحر الجمال ورونق الإبداع الرباني الخلاق مسطرا بأناملي نزغ يسير ووصف ضئيل لماسة جبال الجنوب المتلألأه ودرتها الساطعة بجمال رونقها الفتان والرابضة بفتنتها وسحر طبيعتها الأخاذه في القمة بين النجوم الا وهي جبال منجد الخضراء ورباها البديعه مستعيدا بذلك توهاني وشوقي الروحي إلى تلك اللحظات الإستغراقية والمنصرمة والمليئة بالذكرى البعيدة والجميلة فاتحا بذلك لروحي ووجداني وسماءات فكري وتفكيري مغاليق تلك الفضاءات الذاهبة في أنين الذكريات لمسقط رأسي ومرتع طفولتي ودراستي الأولى في رحاب وربى جبال منجد الغناء الفسيحة ، فبين جنباتها الشماء ترعرعت وتفيأت ظلالها وارتويت من فرات مائها وعشت أجمل أيام الصبا والشباب حتى أصبحت تلك الجنة الدنيوية بكل ما فيها من سحر وجمال رباني نادر جزء من كياني ووجداني كغيري في ذلك من أبناء جبال منجد الغيداء ممن ارتشفوا مثلي شراب الغربه وعانوا لوعة البعد والغياب عن موطنهم الأول لطلب الرزق وشربوا مثلي من كؤوس الحنين والاشتياق لتلك الروابي الخضراء وصدق الشاعر الكبير ابو تمام عندما قال :
كم من منزل يألفه الفتى ..
وحنينه أبدا لأول منزل ..
جبال منجد وما أدراك ما جبال منجد انها بالفعل (ماسة الجنوب) إذ تتميز بوشاحها الأخضر الخلاب طوال فصول السنة حالها كحال جبال الجنوب عامة وجبال منطقة جازان خاصة . ولعلي أكاد أجزم كل الجزم بأن السائح والزائر لجبال منجد للوهلة الأولى يلجمه الإندهاش لعظيم صنع الباري مما يجعله يحرص كل الحرص على تكرار زيارتها مرات عديدة وازمنة مديدة ففرط جمال مدرجاتها الخضراء وانسياب شلالاتها المائية الصافية وهوائها العليل يسحر الألباب ويأسر القلوب ويذهل العيون ليأخذ بذلك بشغاف ومجاميع القلوب .
إن الباحث عن جمال الطبيعة الحقيقي يجده في أبهى تجلياته وصورة في أعالي قمم وسفوح جبال منجد الغناء بحدائقها المعلقة المذهلة إذ ماز الله تلك الجبال بجداولها المنسابة بين المروج الخضراء رقراقة عذبه ناشرة خرير مائها اللامع وكأنه الفضة فيجد السائح والزائر لها لذة لا توازيها لذه ويزداد انبهاره عندما تتراقص عصافير الحب والبلابل والحمائم أمام ناظريه مغردة أجمل الألحان وناشرة موسيقاها الرائعة في الأرجاء وإذا جال ببصره قليلا يمنة ويسره لاحت له الفراشات الزاهية الألوان تتدرج في انسيابية أخاذة ومتسقة بين تلك السفوح والمراعي المتوشحة بالورود والأزهار . وتتميز جبال منجد بصفاء سمائها وبهاء زرقتها التي لا تحجبها ملوثات المصانع ويد الإنسان المتمدن . ومن مميزات جبال منجد أيضا أنها ذات طبيعة بكر تجد فيها الهدوء والراحة وإن أردت أن تزداد اندهاشا وألقا فما عليك إلا أن ترقى إحدى قمم تلك الماسة وتراقب منظر الغروب فيها ليأخذك إلى عالم آخر من الراحة والصفاء النفسي والذهني لتتمتم بعدها بشكر الخالق جل في علاه الذي أمد هذه الجبال الهادئة بكل هذا السحر والجمال والهدوء .
لقد أجبر جمال وسحر جبال منجد الكثير من الشعراء على وصف جمالها وكثيرة هي تلك القصائد التي تغنى فيها الشعراء بجبال منجد سواء من شعرائها المبدعين او غيرهم من الشعراء الزائرين والتي يحتاج رصدها وسبرها إلى سفر طويل يضيق المقام والمقال عن الإحاطة بها ، ولعلنا نكتفي هنا بما انشده بعضا من أبنائها حيث تغزل بسحرها وجمالها وجمال اهلها شاعرها الكبير الأستاذ / يحيى بن حسين المجهلي في قصيدة جميلة قال في مطلعها :
يمكن أنسى أي ديرة الا منجد ..
مثل منجد في الأماكن ما توجد..
مسكن للجيدين ..
أهل كرم ضيفهم يهنى ويمجد ..
وأهل تقوى فالمساجد دوم سجد ..
يقتدوا بالراشدين ..

وأبدع أمير الكلمة الشاعر المخضرم الأستاذ/ قاسم بن جابر المجهلي في وصف جبال منجد الغناء حيث قال:
أعشق جبل منجد وانا كلي فداه ..
مجدي لمجده ينتمي مع دمي ..
أعشق ترابه والطبيعة وسماه ..
عشق قوين ما وقع به آدمي ..

كما وأبدع الشاعر الشاب الأستاذ/ حسن بن علي الأحمدي في وصف داره وديارة منجد حيث وصفها في قصيدة طويلة وجميلة اقتطف لمسامعكم منها :
عليك يا منجد هماليل المزن ..
الله لا يحرمك من هذا النعيم ..
خضر الروابي والمطر يجلي الحزن..
وبراد نسانس الهبايب والنسيم ..

ولكن وعلى الرغم من كل ذلك الجمال والسحر الإلهي الفتان الذي أودعه الله في هذه الجبال الجميلة إلا أنها وبكل أسف تفتقر للإهتمام والراعية اللازمين من قبل القائمين على فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة جازان وهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بالمنطقة وأمانة منطقة جازان ممثلة في بلدية محافظة هروب ومجلسها البلدي فرغم جمالها وسحرها المعانق للسحاب إلا أن الخدمات المقدمة لها ولأبنائها وزائريها وسائحيها تكاد تكون شبه معدومة فلا أبراج جوالات واتصالات فعاله وإن وجدت فهي ضعيفة ولا توجد بها مشاريع وأبراج للمياه المحلاه الا سقيا لا تفي بالغرض ولا تسد الإحتياج ولاتوجد بها سفلته وتعبيد للطرق الموصلة للمنازل وندرة تكاد تكون معدومه في الشقق والغرف المفروشة والخاصة باستقبال السياح والزائرين .
إن جبال منجد ( ماسة الجنوب) وجهة سياحية خلاقة ومثمرة يجب استثمارها واستغلالها الإستغلال الأمثل تماشيا مع رؤية المملكة ٢٠٣٠م
وأخيرا وليس آخرا اقول أن تلك الربى الخضراء ليطرب الفكر وتأنس النفس لذكرها وتترنم الطيور والأشجار والأحجار لإسمها الجميل (منجد) فتلك الجبال في مخيلتي عبارة عن قصيدة عشق مطرزة بروعة جمالها الأخاذ ومن منبري هذا أدعوا الجميع لزيارة تلك الجبال المميزة والجميلة .
وكلي أمل ورجاء للمسؤولين بمنطقة جازان أن يعطوا تلك الأماكن السياحية قليلا من الإهتمام ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى