المقالات

أسبوعين و بضعة أيام

 

مع بداية العقد الجديد مضت علينا أيام صعبة، كان فيها من الوباء ما يطلق عليه بالجائحة، جائحة إجتاحت كافة العالم، جائحة “كوفيد ١٩” أو ما يعرف بكورونا هذه الفترة، كانت إختبار صعب لمقومات الدول من أكبرها الى أصغرها، حيث أثر هذا الفايروس الصغير على أمور كبيرة، تسبب بالعديد من الوفيات وأرهق الشعوب و القادات، إستنزف الملايين ومليارات الدولارات، حتى تسببت هذه الجائحة بهبوط إقتصاد الدولة العظمى في هذا المجال، دولة الصين الرائدة في مجال التوريد.

عندما إنتشر الفايروس الصغير في بلاد الصين كأول دولة تعلن عن أرقام إصابات عالية، أثر ذلك بشكل كبير على إقتصادهم، حيث تلقت ضربة قوية أصابت الصادرات ولم تتوقف هنالك فحسب بل حتى أن أثرها كان على شركائهم التجاريين أيضا، ولم تتوقف تلك الموجة على مدى الصين فحسب، بل أن هذا الفايروس كان يحمل معه كساد يهدد الإقتصاد العالمي.

وعندما إنتشر الفايروس، من شرق الأرض حتى مغربها، كانت الصين قد قدمت رسالة توعية للدول عن خطورة هذا الفايروس ورسالة أخرى إقتصادية لحماية الاقتصاد العالمي، وكيف تعاملت الحكومة الصينية من أجل تحقيق أهداف العام الجاري، حيث قامت بإجراءات متناسقة ومتزامنة مع الفترة الحرجة، حيث قدم البنك المركزي دعمه في خفض أسعار الفائدة، بالإضافة الى الإعفاءات الجمركية حتى المدى القريب.

الحكومة الصينية إتخذت عدة إجراءات إحترازية نجحت من خلالها في إحتواء هذه الأزمة، وبث الأمل في الصراع مع هذا الفايروس.

لم تمر رسالة الصين على المملكة العربية السعودية مرور الكرام، حيث أنها كانت من أوائل الدول التي إتخذت إجراءات إحترازية قبل أن تسجل أول حالات كورونا في البلاد، وكانت الحكومة السعودية وشعبها حديث اليوم والمستقبل في التوعية و الوعي، وكيف استبقوا الأحداث للسيطرة على آثار هذا الفايروس.

الإقتصاد السعودي تأثر قبل أن يعلن عن أول حالة في أراضيها، بعد ظهور شبح كورونا تراجعت كثيرًا معدلات الطلب على النفط، وهذا التراجع أدى بدوره لهبوط أسعار النفط بمعدلات سريعة، عدة عوامل تسببت بهذا الهبوط الذي كان متوقع بعد طرح موضوع خفض الإنتاج بين السعودية وروسيا ومجموعة أوبك.

بعد عدم التزام روسيا بالإقتراح الذي يوقف هذا النزيف في أسعار النفط، وهو تعميق التخفيض بدء من الربع الثاني من العام، حيث يزيد معدل تخفيض الإنتاج من (٢.١مليون برميل) الى (٣.٦مليون برميل)، وكان الموقف الروسي من هذا الاقتراح بانهم “سينتجون بلا قيود” للمحافظة على القوة الاعتبارية والتأثير على النفط الصخري في السوق.

لكن الموقف السعودي جاء معاكسا للتوقعات، اذ أعلنت زيادة الإنتاج حتى (١٢.٧ مليون برميل يوميا) مع تقديم تخفيضات تصل الى ٨ دولارات للمستهلكين بدءًا من الشهر المقبل، وهذا القرار السعودي أشبه بزلزال ضرب سوق الطاقة وسوق المال في العالم.

ولا زالت الأحداث تتولى، حيث يتوقع صندوق النقد العالمي بأن يحدث ركود عالمي خلال هذا العام، وآثار التعافي تبدأ من العام القادم.

اما بعد الإعلان عن حالة كورونا الأولى بالسعودية كانت الحكومة واعية قبل أن تبادر في توعية المجتمع، كانت المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم التي إتخذت الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا والحد من إنتشاره.

حيث أتى القرار من الداخلية السعودية، تعليق الحضور لمقرات العمل في الجهات الحكومية (لمدة ١٦ يومًا)، وإغلاق الأسواق والمجمعات التجارية، وقيام منشآت القطاع الخاص بتقليص أعداد العاملين في فروعها ومكاتبها بحيث لا يزيد عدد العاملين المتطلب حضورهم عن ٤٠٪؜؜ .

قبل أن يظهر وزير الاقتصاد السعودي ويطمئن الجميع عن مقدرة الدولة على مجابهة هذه الجائحة، وأن الحكومة عملت على تدابير أولية تضمن توفير المتطلبات المالية اللازمة للوقاية، وتوفير الخدمات الصحية اللازمة، وإعادة توجيه الإنفاق الحكومي، حيث أقرت الحكومة خفض جزئيا في بعض البنود وبلغ حجم الخفض الجزئي ما يقارب ٥٠ مليار ريال (ما يماثل أقل من ٥٪؜ من إجمالي النفقات المعتمدة في ميزانية ٢٠٢٠).

جميع الجهات الحكومية في الدولة كانت متعاونة في نشر الوعي لكافة طبقات المجتمع، حتى أن النيابة العامة قد أصدرت قرارات تخص عقوبات على من ينشر أخبار تصيب المواطن بالهلع، وكان الحديث الأكبر عن التوعية بالمخزون الغذائي.

إصابة الناس بالهلع، والإقبال لشراء كميات ضخمة من الغذاء، يؤدي ذلك للزيادة في الاستهلاك بنسب كبيرة جدًا والتأثير على حالة الطلب وبالتالي التأثير على الاستقرار في الاقتصاد الغذائي.

كان دور الجهات الرقابية فعّال خلال هذه المرحلة بإتخاذهم جولات على مصادر التموين والتأكد من وفرة المخازن وبث هذه الرسالة من خلال القنوات الإعلامية التي كان لهم دور كبير في هذه المرحلة، كجهة أخرى من عدة جهات في وطننا، تصدروا المشهد من رأس الهرم حتى القاع.

يجعلنا نحن كمواطنين ممتنين لهذه الجهود التي كانت في فترة حرجة، أسبوعين وبضع أيام كانت فيها كل هذه المتغيرات التي كان تأثيرها على عدة جهات، ولم تقف حكومتنا مكتوفة الأيدي أمام هذه الجائحة،
بل تصدرت الموقف العالمي حيث أعربت الدولة عن تقديم الدعم المادي للدول الضعيفة في مجابهة جائحة كورونا، وتصدرت السعودية مؤشر ثقة المستهلك متفوقه على الصين التي إستمرت في القمة (لـ٣٥ شهرًا).

لا يمكنني وصف مشاعر الفخر التي تغمرني وأن أكتب هذه المقالة، دمت بخير يا وطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى