المقالاتقلم حر

رحيل “رمز الإنسانية” الإعلامي حسين الأمير

قبل عدة أيام فجعنا برحيل زميل وأخ قريب جداً من قلوبنا بل ممن استطاع أن يفرض علينا حبه بما يقدمه ويتفانى في تقديمه أمامنا وخلفنا بسرية تجبره الأحداث على كشفها بعض الأحيان.


الأخ والزميل الإعلامي حسين الأمير منذ أن صعقت بخبر رحيله وأنا أسترجع ذاكرتي المتواضعة والأحداث التي تشرفت بمصاحبته فيها، الأحداث الإنسانية نعم أحداث إنسانية كانت همه الشاغل لإيصالها للمسؤول ومعالجتها بمهنية عالية رغم المضايقات التي كانت تواجهه ولا يلقي لها بالاً والأضرار التي تلحق به.

هذا الرجل كرمه الله عز وجل بأن مكّنه من حمل سلاحين أحدها سلاح رجل الأمن الفردي الذي يفخر كل مواطن بحمله للدفاع عن هذا الوطن الغالي والثاني سلاح القلم الذي قام باستخدامه في الدفاع عن معاناة بعض المواطنين في المنطقة وإيصال أصواتهم للمسؤول بكل مهنية واحتراف .


مما حُفر في ذاكرتي إحدى الجولات التي جمعتني به كانت حالة إنسانية ذهبنا لها في وقت الظهيرة في شدة الصيف والحرارة الملتهبة لمسن متقاعد من السلك العسكري في محافظ تبعد عن مقر سكننا حوالي 40 كلم، مسكنه العراء وأطفاله لم يضافوا معه في سجله المدني ومنزله متهالك ولا يوجد لديه مايكفي لسد متطلباته المعيشية فهو قليل المال كثير الأبناء وعندما حضرنا لمنزله وقمنا بإجراء تحقيق صحفي معه كانت المعاناة والألم هي سيد الموقف فبينما هو يتحدث كان الألم ينبعث من أحرف الكلام لتشطر به أفئدتنا.


لا أنسى تأثرنا بالموقف والمعاناة التي تعاني منها هذه الأسرة وعائلها الطاعن في السن التي أصبحت مهنته “جامع للحطب ” بعد أن أصبح مرتبه التقاعدي لا تكفي أسرته فأصبح يحتطب ليبتاع ما قام باحتطابه لتغطية متطلباته المعيشية”، مما دعانا لتبادل تحرير هذه المعاناة كتحقيق صحفي ونحن لا نزال في منزل المواطن متبادلين الأدوار في الكتابة والتعديل والصياغة بل أستمرينا ونحن في طريقنا لمنازلنا وسط إصرار على نشر هذه المعاناة قبل أن نفترق كلاً إلى منزلة.


الأجمل في هذه الجولة ليست السرعة في تجاوب المسؤول الذي لم يستغرق تجاوبه أكثر من ساعة زمن من نشر المادة الصحفية بل إصرار المسؤول على وئد هذه المعاناة الذي يعاني منها المواطن وأطفاله في أقل من 24 ساعة، لا أبالغ في وصفي مدى السرور الذي كان يصاحب حديثه معي عندما أخبرني بتجاوب المسؤول وتواصله معه وحل هذه المعاناة، نعم حل المعاناة ومعالجة العوائق التي أثقلت كاهل المواطن وأسرته منذ زمن وتحويل معاناته وألمه إلى سعادة هي السعادة المرجوة التي كنا نتسابق نحوها.

رحمك الله يا حسين كنت أميراً بأخلاقك وأميراً بإنسانيتك وأسكنك فسيح جناته، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى